هل تتجه الولايات المتحدة نحو إضعاف الدولار؟

كان السبب الرئيسي وراء عاصفة الأسبوع الماضي في الأسواق المالية هو الرسوم الجمركية المتبادلة التي أعلنها الرئيس الأمريكي على عدة دول. ردًا على ذلك، ردت بعض الدول المستهدفة برسوم جمركية. في 4 أبريل، أعلنت وزارة المالية الصينية أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 34% على جميع السلع الأمريكية. أثار هذا مخاوف الأسواق مجددًا، مما أدى إلى موجة بيع واسعة النطاق للدولار الأمريكي والأسهم والسلع.
هل شهدنا ضعفًا للدولار من قبل؟
لنعد إلى الوراء قليلًا. في عام ١٩٨٥، عُقدت اتفاقية تاريخية عُرفت باسم "اتفاقية بلازا" بين الاقتصادات الرئيسية في العالم لخفض قيمة الدولار الأمريكي عمدًا. سعت الدول المشاركة آنذاك، وهي مجموعة الدول الخمس الكبرى (الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا الغربية، وفرنسا، والمملكة المتحدة)، إلى تصحيح قوة الدولار المفرطة، التي كانت تُلحق الضرر بالصادرات الأمريكية وتُسهم في عجز تجاري هائل. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تُكافح أيضًا الركود التضخمي، حيث بلغ التضخم خانة العشرات.
في غضون عامين، انخفض زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني من ٢٤٠ إلى ١٢٠ (انخفاض بنسبة ٥٠٪)، بينما انخفض الدولار الأمريكي بنحو ٤٥٪ مقابل المارك الألماني. شهدت اليابان، التي تُشبه الصين اليوم، هيمنة صادراتها شديدة التنافسية على الأسواق العالمية. كان الهدف من الاتفاقية هو جعل السلع اليابانية أكثر تكلفةً للمستهلكين الأمريكيين من خلال إضعاف الدولار. ورغم موافقة اليابان تحت الضغط، إلا أن الآثار طويلة المدى كانت مؤلمة، مما أدى إلى انكماش اقتصادي طويل الأمد وركود اقتصادي.
هل سيعيد التاريخ نفسه؟
يُتكهن البعض اليوم باتفاقية مار-أ-لاغو حديثة، تحمل اسم منتجع الرئيس ترامب في فلوريدا. فهل تسعى الولايات المتحدة مجددًا إلى إضعاف الدولار؟
إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون التداعيات وخيمة. فضعف الدولار سيُقلل من العجز التجاري بجعل الصادرات الأمريكية أرخص والواردات أكثر تكلفة. كما سيؤثر على سندات الحكومة الأمريكية، نظرًا لأن قيمتها مُقوّمة بالدولار، فإن ضعف الدولار يُخفّض فعليًا عبء الدين بالقيمة الحقيقية.
على سبيل المثال، ربما كان سعر منتج أمريكي يبلغ 10,000 دولار أمريكي سيُكلّف مشتريًا أوروبيًا حوالي 10,000 يورو قبل بضعة أشهر فقط. إذا انخفض الدولار بنسبة 20%، فلن يُكلّف المنتج نفسه سوى 8,000 يورو، مما يجعله أكثر جاذبية للمشترين الأجانب، مع تثبيط الأمريكيين عن شراء السلع الأجنبية.
هل يُمكن للصين أن تحذو حذو اليابان؟
بالنظر إلى وضع الصين الحالي، يبدو أنها تعلمت من تجربة اليابان في ثمانينيات القرن الماضي. منذ عام ٢٠٢١، خفضت الصين حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية من ١٫١ تريليون دولار إلى حوالي ٧٦٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٤. وفي الوقت نفسه، زادت احتياطياتها من الذهب من ٦٣ مليون أونصة في عام ٢٠٢٠ إلى ٧٣ مليون أونصة في عام ٢٠٢٤.
الخلاصة
يبدو أن الصين تعمل بنشاط على تقليل تعرضها للدولار الأمريكي، ربما لتجنب العواقب طويلة الأجل التي واجهتها اليابان بعد اتفاقية بلازا. ومن خلال خفض حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية وزيادة احتياطياتها من الذهب، تُهيئ الصين نفسها لمواجهة انخفاض محتمل في قيمة الدولار.
في ظل مناخ عدم اليقين الاقتصادي الحالي والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، وخاصة مع عودة فرض الرسوم الجمركية، هل ينبغي على المستثمرين الاستعداد لاستمرار التقلبات؟ هل من الحكمة انتظار اتضاح الصورة قبل اتخاذ قرارات رئيسية في الأسواق المالية؟ وحده الزمن كفيل بإظهار كيف ستتكشف هذه العوامل.